((اضغط هنا)) الراصد المنير: مقالات دورية

كتابات وخواطر أبوطالب ألهاشمي

تركيا بين العسكرية الأتاتوركية  "والاسلاموية الأردوكانية"

في بدايات عام 1977 تم أختياري عضوا في وفد أقتصادي عراقي لتركيا , لبحث التعاون الاقتصادي العراقي التركي , وتحقيق صفقات تجارية على حساب تسديد الديون النفطية على تركيا لصالح العراق .

 ونتيجة اتصالات وبحث ميداني تسويقي ضائع لم يتمكن الوفد الصناعي / الزراعي/التجاري/حينذاك , الا الحصول على صفقات محدودة لم تغطي مبلغ الديون البالغه بحدود أربعمائة مليون دينار , ومنها مواد غذائية كالحنطه والزيوت والحمص والعدس ... وكانت الاوضاع السياسية متردية جدا , والامن مضطرب جدا ... والتضخم مرتفع حيث أرتفعت من 20% الى 40% عام 1977 و60% عام 1978 ووصلت عام 1980 الى 137% وارتفعت نسبة البطالة خلال السبعينات الى 3 ملايين عاطل .

 وتميزت السبعينيات بصراعات عنيفه دموية , حيث كان عدد القتلى يتجاوز 30 شخص يوميا ... وتصاعد التيار الاسلاموي " حزب السلامة الوطني " بقيادة نجم الدين ولم تنتهي هذه الاضطرابات الا بانقلاب ايلول/1980 بقيادة " كنعان ايفرين " .

 لقد عانت تركيا خلال هذه الحقبه أزمه اقتصادية خانقه وارتفاع الهجره من الريف الى المدن وظهور " المدن والاحباء العشوائيه " . وقد شهدت المحافظات التركيه اضطرابات واسعه حيث لم يتمكن الناقل التركي من ايصال الحنطه للعراق الا بعد أن دفع " اتاوات كبيرة " لشيوخ ومناطق المافيا المنتشره على الطريق .

 تطورت العلاقات الاقتصادية العراقيه/ التركيه منذ نهاية عام 1977 ... وكنت أزور تركيا بمعدل سفرتين سنويا حيث وصل التبادل التجاري عام 1984 ليصل الى ما يقارب مليار و300 مليون دولار وفي تموز 1986 تم التوقيع على بروتوكول جديد لتنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية .

 ولقد لمست من خلال زياراتي الميدانية التطور الهائل والفقرات التي حققها القطاع الانتاجي التركي وخاصة في مجال الصناعه ... ومن جهة أخرى بلغت صادرات العراق النفطية حوالي مليون و550 الف برميل يوميا عام 1987 عن طريق أنابيب النفط والنقل بالسيارات .

 وشهدت فترة قيادة " سليمان ديميريل " و " توركت اوزال " ظهور اول أزمة في العلاقات العراقية / التركية ... عندما عمدت تركيا الى تنفيذ سيطرتها الاستراتيجية واحتكارها للمياه في حوضي دجله والفرات واصبح مشروع (GAP) سلاحا يهدد أمن سوريا والعراق وحرمانهما من حصتهما في مياه الرافدين واطلق مشروع " انابيب السلام " الذي يهدف الى ري الاراضي التركية اولا والحصول على الطاقه الكهربائيه / المائيه , ومن ثم تطوير المشروع الى نقل حوالي 6 مليون م3 يوميا عبر الانابيب الى الاراضي المحتله والى دول الخليج حسب المخطط التركي .

 وهذا الاجراء يسبب الى نقص الموارد المائيه عن الاراضي العراقيه , واثر تأثيرا سلبيا بالغا على (7) مراكز محافظات عراقية (25) قضاء و (28) ناحية و(4000) قريه يسكنها بحدود 5.5 مليون نسمه . وعند أكتمال هذه السدود التركية ستؤثر على مايزيد عن 60% نقصا من مياه الوارده الى الحوضين . وسيزيد من نسبة الملوحة , أضافة الى مشاكل أقتصادية واجتماعيه وبيئيه عديدة .

 وهكذا استخدمت تركيا ورقه المياه لتؤثر من خلالها على الامن الوطني العراقي ... والحكومات العراقية المتعاقبة التي عجزت وفشلت كليا عن معالجة هذه المشكله قبل تحققها , وبذلك فقدت المبادرة والضغوط الكافية على الحكومة التركية للتقليل من آثار هذه السدود على الاقتصاد العراقي .

 ان الحكومات التركية أجتهدت في أمتلاك اوراق سياسية واقتصادية عديدة للضغط على العراق , ومنها ادوات تسخير الارهاب الاسلاموي التكفيري ... والورقه الكوروستانية التي سهلت لتهريب النفط العراقي وبأسعار تقل عن 60% من اسعاره الرسمية في الاسواق العالمية .

 وهكذا تحولت الصداقة العراقيه/التركيه الى مناخ عدائي ... بين شعبين مسلمين , وتم تعزيز بناء المصالح التركية على حساب مصلحة الشعب العراقي ... واستغلت الاوضاع السياسية المضطربة في العراق . أبشع استغلال من الجانب التركي وباستعلاء مسنود من الحلف الاطلسي والولايات المتحدة الامريكية . لخدمة المشروع الاستعماري في المنطقه .

لقد تزايدت هذه الأعمال السلبية ضد الشعب العراقي في عهد حكومات " أردغان " رغم ان حجم التبادل التجاري بين البلدين وصلت الى اكثر من (16) مليار دولار في العام الماضي والحكومة العراقية عاجزه تماما عن أتخاذ أي خطوات تضمن المصالح العراقية في الأمن المائي والغذائي والبيئي أضافة الى الأمن والاستقرار في العراق والمنطقه .

  أبو طالب الهاشمي

2015/9/7

مذكرات و حياة أبوطالب الهاشمي - الصفحة الرئيسية -     المسار الصعب     الفجــــوة     العمارة الكحلاء     رؤى وأفكار في الاقتصاد والمال     التجارة الداخلية في العراق جزئيين    

     الملف الاقتصادي مجلة دورية اقتصاديه     مقالات وخواطر أبوطالب ألهاشمي اليوميه     شجرة العائلة     خارطة الموقع

اعلى الصفحة