((اضغط هنا)) الراصد المنير: مقالات دورية

كتابات وخواطر أبوطالب ألهاشمي

 
  مذكرات وحياة أبوطالب الهاشمي  
اهلاً و سهلاً

نكبه حزيران العراقيه

قبل عام وفي شهر حزيران شهد العراق نكبة عسكرية و سياسية قاصمة ، حيث تمكنت التنظيمات التكفيرية الأرهابية و بمساندة بعض القوى الاخرى من اقتحام محافظة نينوى ومدينة الموصل بشكل مفاجئ ، حيث شهدت المحافظه تدفقاً كبيراً للمسلحين من الحدود السورية ، وتساقطت دفاعات القوات المسلحة العراقية و بسرعة صاعقة ، من خلال تنسيق كامل مع العديد من القيادات العسكريه و المدنيه و السياسية في المحافظة ، حيث تم الاتفاق على الانسحاب و القاء السلاح بدون قتال و هذا يشمل الاتفاق مع بعض أعضاء مجلس المحافظه من العرب  والكورد .... و نجحت هذه الخطه لتشمل مناطق عديدة في  صلاح الدين و الأنبار ، و التأميم و ديالى . و باتت داعش و خلال ايام على اطراف اربيل و العاصمه بغداد . و كسبت داعش وحلفائها كميات كبيره من الاسلحة العراقية المتوسطه و الثقيله . ورافق هذا الهجوم نزوح كبير من الاهالي المدنيين في هذه المناطق ، وخاصة نزوح اعداد كبيرة من الاقليات في المحافظه ((المسيحيون ، الشبك ، الازيديون ، الشيعه ، التركمان في تلعفر و امرلي  وفي مناطق اخرى منها جرف الصخر في بابل ))...

وتم اسر و ذبح اعداد كبيرة من المواطنين بشكل وحشي ، وبوسائل تقشعر منها الابدان وتم خطف عدد كبير من النساء و الاطفال سبايا و اعتدوا على شرف و كرامة هؤلاء العراقيون بدون رحمة ، و حدثت من الفضائع و المذابح و التصفيات الطائفية و العرقية ... ما يندى لها جبين الانسانيه .... 

ومن هذه الابادات الجماعية ، مذبحة سبايكر ((١٧٠٠)) طالب  وجندي عسكري غير مسلح صفوا على الهوية الطائفية و مذبحة سجن بادوش حوالي ((٦٠٠)) سجين صفوا بنفس الطريقة .. ومن هذه الذابح والتصفيات شملت الايزدين في قرى جبال سنجار ، واحداث حصار امرلي و الطارمية .

لقد انهارت القوات العراقيه المسلحة بهذه المدن ، وبدون قتال ، نتيجة التهيئة السياسية و الاعتصامات ضد الحكومة المركزية واتهامها بالتهميش السياسي و الطائفي ، ولقد شاركت و مولت لهذه الاحداث قوى اقليميه مجاورة وتحريض من قوى سياسيه محليه ، وبعضها كان شريكاً في العملية السياسية ، ومازالت الاتهامات تترى رغم مرور سنه على ((الانتكاسة)) بين القوى السياسيه وبين الاقليم الكوردي والحكومه المركزية و الأتهامات لم تستثنى احداً بل شملت عدد كبير من العسكرين والقادة السياسين .

ولم يتدخل الامريكان والقوى المتحالفه معها الا بعد فتره ليست بالقصيرة ، وبعد ان تعرضت اربيل للهجمات المباشره من ((داعش )) . 

و لقد ساعدت فتوى ((المرجع الشيعي السيستاني )) ((بالجهاد الكفائي )) ضد داعش ، و تطوع الآلاف من المواطنين  للقتال  في صمود بغداد ، وانطلاق هذه الحشود للدفاع عن سامراء و المناطق التي تشكل حزام بغداد ، في بابل و الانبار و ديالى و صلاح الدين و تشكلت اكثر من عشرة تنظيمات مسلحة كبيرة سميت ((بالحشد الشعبي )) .

من الغريب ان يعاد نفس السيناريو قبل اسبوعين عندما دخل ((داعش )) الى الرمادي بعد انسحاب الشرطه المحلية و بعض وحدات القوات المسلحة ((بدون مبرر عسكري حاسم )) مما دفع عشرات الآلاف من اهالي الرمادي ان ينزحوا في ظروف انسانيه صعبة و هكذا تصاعد اعداد النازحين العراقين الى اكثر من مليونين ونصف نازح ، يعيشون في ظروف انسانية تعيسة ، ومما زاد الطين بلة في عدم التخفيف من معاناتهم الاجراءات الاداريه البيروقراطيه ، و ضعف اداء أجهزه الدوله ، وفوضوية التنسيق بين الادارات الاغاثية الدوليه و المحليه ، و ضعف الموارد المخصصه للنازحين ، و عمليات النهب و الفساد و الابتزاز التي شابت القيادات المغيثه و اللجان المركزية المختصه بالاغاثه و مازالت العوائل النازحة تعيش ظروف معاشية مزرية .. وان حلها اكبر من قدرات الحكومه الحاليه ، و خاصة ان عودتهم الى ديارهم ما زالت بعيده تقف امامها مشاكل ومعوقات امنيه و صراعات طائفيه و عشائريه و اثنيه متعددة . 

ان قدرات القوات المسلحه الحاليه وحدها ومازالت عاجزه وقاصره عن تحرير جميع المناطق التي سيطرت عليها تنظيمات داعش ، خاصه وان الاسناد الجوي العسكري الدولي مازال ضعيفاً و طلعاته محدودة موزعة بين العراق وسوريا ، وعدم وجود اراده حازمه للقضاء على الارهاب سريعاً ، اذ خططت امريكا لتطويق هذه التنظيمات الارهابيه و اثاره حرب استنزاف بين القوات العراقيه والارهاب في حدود ثلاث سنوات ، و خاصه وان لديها تحفظات على قوات الحشد الشعبي و اشتراطها آعمال تسليح واشراك العشائر في المحافظات التي سيطر عليها داعش وفق التوقيتات و البرمجة الموضوعة من مستشاريها ، و اعطاء الافضليه في الدعم لقوات البيشمركة الكوردية ، ليس حباً بالكورد وانما دفاعاً عن استثماراتها النفطية في الاقليم . 

      علينا نقر ان هنال خلل بنيوي واضح في اعاده هيكلية بناء القوات المسلحة العراقيه على اسس مهنية ، حيث تم اختيار قياداته العسكرية على نفس الاسس التي اعدها خبراء بريمر بعد حل وتهديم الجيش العراقي السابق وازاحة جميع قياداته العسكريه ، ولم يتم البناء و التسليح الجديد الا على اسس طائفيه و اثنيه عرقيه ليس لها اية صله اطلاقاً بالمفاهيم و المركزيه العسكريه و الولاء الكامل للقياده السياسيه المنتخبه وتغليب الهويه والولاء الطائفي العرقي المناطقي على الولاء التام للوطن و الشعب و الآمه .

ان الازمه الحالية تحتاج الى حزمه متكامله من الحلول العسكريه والسياسيه و الاقتصاديه الناجحة و الرشيده ، و تعتمد بالاساس على الوحده الوطنيه ، وترسيخ روح المواطنه و المساواه و العداله الاجتماعيه . بعيداً عن التدخلات الدوليه و الاقليمية السلبيه في القرار الوطني الحاسم والموحد .

 ومن هذا المنطلق مازالت ازمتنا بعيداً عن الحل الجذري ، و امامنا سبل و طرق وتحديات وعره و معاناه صعبه تحتاج الى شيء كبير من التضحيات و الصبر و تغليب مواجهة الارهاب و التطرف على الخلافات الثانويه الاخرى  . 

وبدون الوحدة الوطنيه و المشاركه الايجابيه الشعبيه (بدون استثناء ) سوف لا تحرر مدننا من هذا الخطر الدامي وسوف لا نتمكن من اعاده بناء مناطقنا و تعمير ما هدمه و خربه الارهابيون و اعاده العراق الى تلاحمه ووحدته و زهوة و استقلالة .

ان الهجمه الارهابيه هدمت و خربت كل شيء مادي ومعنوي .... و اول ما خربته النسيج الاجتماعي ، و تمزيقه الى طوائف و امارات و عشائر .. و تفتيت هذه الى وحدات ظلاميه ارهابيه ، لقد اغتالت الانفس البشريه البريئة و اعتدت على كرامة الانسان ونهبت ثروات البلاد الاقتصاديه و الثقافية و الحضاريه و الانسانيه و هدمت صروح ورموز العراق الاثرية و التاريخيه . و قبل ذلك كله زيفت وحرفت وشوهت مفاهيم الدين الاسلامي الحنيف و غذت مفاهيم الحقد و الكراهية واللامساواه و اشاعت المفاهيم الظلاميه ، التكفير ، وعدم الاعتراف بالاخر ، وقبل ذلك كله ، تحطيم و تفتيت الوحده العراقيه و تقسيمه الى آمارات متخلفه ظلاميه . بؤساً لمخططاتهم الاجراميه ، التكفيرية ...!!!

ولكن يبقى سؤال مهم اذا كانت امريكا و التحالف الدولي و الدول المجاوره العربيه و الاقليميه جميعاً ضد ارهاب داعش ... و كذلك كل الكتل السياسيه العراقيه .... فلماذا ما يزال ((داعش)) يقاوم ويتمدد في العراق و سوريا ... و عدد من الدول الاسلامية ... هل من مجيب ...؟؟؟؟.

 

أبو طالب الهاشمي

2015/5/31

مذكرات و حياة أبوطالب الهاشمي - الصفحة الرئيسية -     المسار الصعب     الفجــــوة     العمارة الكحلاء     رؤى وأفكار في الاقتصاد والمال     التجارة الداخلية في العراق جزئيين    

     الملف الاقتصادي مجلة دورية اقتصاديه     مقالات وخواطر أبوطالب ألهاشمي اليوميه     شجرة العائلة     خارطة الموقع

اعلى الصفحة