((اضغط هنا)) الراصد المنير: مقالات دورية

كتابات وخواطر أبوطالب ألهاشمي

 
  مذكرات وحياة أبوطالب الهاشمي  
اهلاً و سهلاً

على السفود

   في بداية الخمسينيات من القرن الماضي عندما كنت طالبا في الاول متوسط ....دفعني الوالد الى قراءة  الكتب والمطالعة في العطلة الصيفية ...واتجهت حالي حال اقراني بقراءة الكتب البوليسية والمغامرات المنتشرة في ذلك الوقت .ومنها كتب ( ارسين لوبين) (اللص الظريف) للكاتب الفرنسي موريس لوبلان ولكني عندما عرف الوالد بنوع الكتب التي اقراها وجهني ان أبدأ معها بقراءة (الايام ج2) لطه حسين واقرأ قصة (ما جدولين) تعريب (المنفلوطي ) باسم (على ضفاف الزيزفون ) وهكذا دفعني وبإشرافه  ان اقرأ (الكاتب المصري ) عباس العقاد وان اتحول الى كتابات مصطفى صادق الرافعي وخاصة كتابه – (على السفود ) في نقد العقاد ....والسفود كما هو معروف ( السيخ ) او (الشيش ) من الحديد يتم شواء اللحم فيه .وما زلت لحد الان أتذكر هذين البيتين

وللســــــفود نار لـو تلقت

بجاحمها حديدا ظن شحما

ويشوي الصخر يتركه رمادا"

فكيف وقد رميتك فيه لحما ؟!

وهكذا توسعت بقراءة النقد الادبي وكيف تتحول في بعض الاحيان الى خصومه وصراع واطلعت على نماذج من خلاف طه حسين والعقاد وتوسعت بذلك وحفظت  ابياتا عديدة من هجاء جرير والفرزدق وما زلت اتذكر هجاء الاخطل لجرير :-

ما زال فينا رباط الخيل معلمة

وفي كليب رباط اللؤم والعار

وقال المتنبي

جود الرجال من الايدي وجودهم من اللسان فلا كانوا ولا الجود

 ما يقبض الموت نفسا من نفوسهم الا وفي  يده من نتنها  عود

وهنا ايضا سارع الوالد بتعديل مسار قراءتي ووجهني ان احفظ من كل حرف عربي بيتين او اكثر من الشعر لاستعين بها بالمناورات الشعرية وفعلا كسبت مررا الرهان من زملائي وحصلت على الفوز وحلاوة النصر ولكني مرة اخرى وجهني الوالد وانا طالب في الاعدادية ان اتعلم المعارضات الشعرية وهي منافسة الشاعر بغيرة من الشعراء بكتابة قصيدة من نفس الوزن والقافية مع اختلاف  المعنى بأجمل واجزل الكلمات واحلى الافكار ويمكن تضمين ذلك بين الشعر القريض والعاميه ايضا .

 

 

قول ابي تمام :-

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى

ما الحــــــــــب الاللحبيب الاول

ونقضه الشاعر ديك الجن فقال :

نقل فؤادك حيث شئت فلن ترى

كهوى جديد او كوصــل مقبل

وقال شاعر اخر:

عيناي قد نظرات حوراء سافرة

تشبه البدر التام من يشع ضية

تبسمت وان ثنت في الحال قائلة

جا عفتك ورديت لاجن خطيه

ولكن سرعان ما جرفنا طوفان الخطاب السياسي وابعدنا من الشعر الجميل والاهتمامات الرومانسية الى المناظرات السياسية والفكرية ....وحتى الشعر تحول الى الشعر السياسي الوطني  فلقد حفظت كثيرا في شبابي من شعر سليمان عيسى :

هيهات تنطفئ الحياة

ونحن انفاس الحياة

نحن الطريق ولو وعيت

اذا لكنت مع المشاة

اكليل غار للحياة

على جبين الكائنات

نحن الطريق...والف

اهلا بالخطوب الحالكات

محمد مهدي الجواهري في قصيدته :

سلام على هضبات العراق وشطيه والجرف والمنحنى

على النخيل ذي السعفات الطوال على سيد الشجر المقتنى

سلام على عاطرات الحقول تناثر من حولهن الثرى

 سلام على قمــر فوقـــــــها عليها هفا واليهـــا رنا

تلوذ النجوم بأذيالـــــه هفت اذا هـفا ورنت اذ ارنا

وقصيدة الشـــاعر بدر شـاكر الســياب:

الشمس اجمل في بلادي من ســــــــواها والظلام

حتى الظلام هناك اجمل فهو يحتضن العـــــراق

 وكنا نردد ايضا قصــــــيدة عبد الوهاب البياتي

نحن لم نقتل بعيرا

او قطاه

لم نجرب لعبة الموت

ولم نلعب مع الفرسان

نحن لم نجعل من الجرح نواة

ومن الحبر دما

شغلتنا الترهات

فقتلنا بعضنا بعضا

وها نحن  فتات

في مقاهي الشرق نصطاد ذباب

وهكذا نسينا الشعر والادب ....وجرفنا الخطاب السياسي وأيدولوجيات مهزومة متهرئة وافكار طوبائيه وسفسطائية .....لم تجرنا الا الى الاهوال والمصائب والدماء .....وبهذا فقدنا رومانسياتنا  العذبة وشفافيتنا البلورية ....وبدأ بعضنا يشوي البعض الاخر على سفود الرافعي الاسود ولقد عبر الشاعر  نزار قباني بحسه  المستقبلي عن حالنا

مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن

مسافرون دون اوراق

وموتى دون كفن

نبحث عن ستارة تسترنا

عن سكن

وحولنا اولادنا

احدو دبت ظهورهم وشاخوا

وهم يفتشون في المعاجم القديمة

عن جنة نظيرة

عن كذبة كبيرة

 تدعى الوطن 

يا وطني المصلوب فوق حائط الكراهية

يا كرة النار التي تسير نحو الهاوية

مهاجرون نحن من مرافئ التعب

لا احد يريدنا

من بحر بيروت الى بحر العرب

مسافرون نحن في سفينة الاحزان

 قائدنا مرتزق ....وشيخنا قرصان

وهكذا طلقنا الشعر نهائيا واصبحنا نردد الشعراء في كل واد  يهيمون يقولون مالا يفعلون وانتقلنا بين افكار ماركس وانجلز ولينين وماوتسي  تونغ  وعفلق  ودروزه  والبيطار والارسوزي  وجان بول سارتر وسيمون والبيركامو  والعبثيه  والتمرد وكولن ولسن مع سقوط الحضارة ولامنتمي وهناك وجدنا انفسنا نبحث عن العقل العربي وتحدياته وفرضيات جورج طرابيشي وهرطقاته  ومعارضاته للكاتب محمد عابد الجابري .....ولاننسى هنا ترجمات هاشم صالح عن محمد ارغون  وتخريجاته الاسلامية...!المهم في كذلك ابتعدنا عن الرومانسية والاجواء الجميلة وانتقلنا الى البحوث الفكرية والسياسية ودخلنا في اجواء من الفرضيات والنظريات الجديدة التي لامستقرلها ... ونحن ما زلنا في الدوامة نبحث وندور ...!!

أبو طالب الهاشمي

2015/11/18

مذكرات و حياة أبوطالب الهاشمي - الصفحة الرئيسية -     المسار الصعب     الفجــــوة     العمارة الكحلاء     رؤى وأفكار في الاقتصاد والمال     التجارة الداخلية في العراق جزئيين    

     الملف الاقتصادي مجلة دورية اقتصاديه     مقالات وخواطر أبوطالب ألهاشمي اليوميه     شجرة العائلة     خارطة الموقع

اعلى الصفحة