((اضغط هنا)) الراصد المنير: مقالات دورية

كتابات وخواطر أبوطالب ألهاشمي

 
  مذكرات وحياة أبوطالب الهاشمي  
اهلاً و سهلاً

تقييم العمل والاداء الشكلي للوظيفة

              تسعى الحكومات والمؤسسات والشركات لاعداد دراسات ادارية مكثفة لتقيم العمل وتحديد ملاكة وكوادره ، واعداد وصف كامل دقيق للدرجات الوظيفية ، ورسم ملامح الوظيفة ومهامها الدقيقة ، ومتطلباتها الاكاديمية والدراسية ، ومستلزمات الخبرة والمعرفة ، ونوعية الكفاءة المستهدفة ، وتثبيت التوقيتات اللازمة لعمل رجل / ساعة . ونوعية العمل المنجز ...!! 

          ان دراسات رفع مستوى الانتاجية ونمو وتائرها المتصاعدة ، مع دقة ونوعية الاداء ، لانتاج خدمة او سلعة ما في زمن مرسوم ومحدود . 

             هكذا نبني المؤسسات والشركات ، وهكذا تقاس الخدمات المقدمة للمواطن ... اذ انها تراقب بمعايير ومقاييس ثابتة ، مع استمرار تعديل واصلاح مساراتها وتحسين كفائتها وبهذه المقاييس وحدها تراقب الكلف ، والوقت المطلوب للانجاز ، ورسم مسارات العمليات الادارية و الانتاجية ، وقياس معييارية الانتاج والاداء النوعي الدقيق . ضمن مواصفات وتقييس وسيطرة نوعية ، ومراقبة الاداء الفردي للمهام الوظيفية . 

           ولكن نشهد هذه الايام في (( عراقنا الحبيب )) ضياع هذه الاسس وفقدان هذه المعايير ، والتضخم في اعداد الكوادر ، والتوسع في الانفاق ، وضعف الانجاز وانحدار الكفاءة والانتاجية ، اضافة الى زيادة الكلف ، وتضييع الوقت ، والانجاز الضعيف المتراخي ، والاداء الشكلي للوظيفة وتنامي البطالة المقنعة ، واصبح الترهل الوظيفي في كافة القطاعات الادارية والانتاجية ظاهرة خطيرة ساد من خلالها الفساد الاداري ، وضياع المسؤولية الادارية ، وزيادة عدد المراحل الادارية البيروقراطية ، وارتفاع الكلفة وضعف الانتاج وفقدان المسؤولية ..!! 

           ومن المؤسف ان اعتمدت معايير خاطئة في اختبار الكوادر القيادية الاساسية والنوعية بدءاً من اختيار الوزير ، نزولاً لاصغر وظيفة ... حيث اعتمدت معايير المحاصصة السياسية الحزبية الطائفية و العرقية وبهذا فقدت معايير الرقابة والمحاسبة ، حيث اصبحت المسؤولية تقاس بالمصلحة الحزبية ومعايير المنفعة ومعدلات ماتدره الوظيفة من اموال للاشخاص المسؤولين اصلاً ، ومن ثم للحزب والمكون بدون معايير و لا رقابة عامة او خاصة ... واصبحت المناصب تباع وتشترى في بورصة ذلك الحزب والمكون كحصة ثابتة له واستحقاق حزبي وطائفي ليس الا . وعدم النظر لمصلحة الوطن والمواطن والامة ....!!!! لقد ضاعت الفرص المتساوية للمواطن ، و فقد التنافس و المعايير المهنية ، وتحديد الكفاءة والمهارة ، و جمد مجلس الخدمة المدنية ، وضرب عرض الحائط كل معايير المساواة والنزاهة وتفشى الفساد ، وهضمت حقوق المواطن وتردت اوضاعة الادارية والخدمية والانتاجية . ومن المآسي ان شمل ذلك القوات المسلحة العراقية ، حيث انتشرت ظاهرة الدرجات الوظيفية الوهمية ، وتضاعفت اعداد المنتسبين بشكل كبير خلافاً للواقع والموجود الفعلي ، واصبحت مراكز الامن تباع بمزايدات علنية ، وفرضت على المدعي عليه ، والمدعي غرامات ورشى  طائلة ، تحسم على اساسها القضايا المتنازع عليها مما جعل المواطن يلجأ الى تسوية مشاكله ونزاعة عن طريق العشائر والابتعاد عن الابتزاز الحكومي . ولايلجأ الى المؤسسات الحكومية الا مضطراً كبديل وحيد... ويحضر مجبراً لدفع (( الاناوات ...)) و الانصياع  الى متطلبات (( حماة الامن )) !! والمجرمين ومافيات الفساد والظلام ... لاتقاء خطفه وعائلته وتهديد مركز معيشته وحماية لقمه عائلته ومستقبلها وامنها الشخصي ...!!! 

                ان الاوضاع ساءت بشكل كبير وتعقدت وتصاعدت كلف المعيشة والحياة .... فالمواطن يومياً مطالب بتغيير هوياته الشخصية والرسمية ، وتجديد معاملاته واصدار صحة صدور وثائقه بمناسبة او بدون مناسبة واصبحت مراجعة الدوائر الحكومية عملية شاقة ومكلفة ومهنية وعليك ان تدفع (( رسوم الابتزاز )) وتشمل الاهانات وسوء المعاملة ... وبدون محاسب ورقيب مما جعل العراق دولياً ... يصنف كاول دولة مشهورة بالفساد الاداري والسياسي والمالي ...!!! 

              لقد اصبح معروفاً ومحسوباً ، ان كل المقاولات و التعهدات والتوريدات والانشطة الحكومية والخدمات ترد اموالاً طائلة لاحزاب السلطة وقاداتها ومسؤوليها وانتشرت هذه الظاهرة السلبية لاصغر موظف كل يسرق حسب درجة ويا بؤس هذه الحالة المقيتة . ماعدا عناصر وقوى استثناء حافظت على اصالتها وشرفها ونزاهتها واخلاصها .... !!!!

           ومن المضحك والمبكي ... ان المواطن بعد دفع كل هذه الاتوات لا يحصل على الخدمة بشكل صحيح وكامل وفي وقت يسير ، وانما يتطلب منه تعديلات وتصليحات متعددة ومراجعات مستمرة ، للوصول الى هدف انجاز معاملته ...  لضعف الكفاءة والاهمال و لتردي الاوضاع الادارية ، وفقدان الاخلاص وانعدام النزاهة ، وضياع المسؤولية ... وسقوط الضمير في اوحال من السحت الحرام ... مادامت رؤوس المسؤولية القيادية قد باعت نفسها في سوق النخاسة المخزي ... وهكذا بقي المواطن ضائعاً بين الفساد الاداري و الاداء الشكلي للوظيفة .... والله ارحم الراحمين ...!!! 

 أبو طالب الهاشمي

2015/7/15

مذكرات و حياة أبوطالب الهاشمي - الصفحة الرئيسية -     المسار الصعب     الفجــــوة     العمارة الكحلاء     رؤى وأفكار في الاقتصاد والمال     التجارة الداخلية في العراق جزئيين    

     الملف الاقتصادي مجلة دورية اقتصاديه     مقالات وخواطر أبوطالب ألهاشمي اليوميه     شجرة العائلة     خارطة الموقع

اعلى الصفحة