((اضغط هنا)) الراصد المنير: مقالات دورية

كتابات وخواطر أبوطالب ألهاشمي

 
  مذكرات وحياة أبوطالب الهاشمي  
اهلاً و سهلاً

الحركات العشائرية السياسية بين المد والجزر

كان اساس ملكية الارض هي (( الديره العشائرية )) اذ كانت ملكية الاراضي تعود للدولة ، ويعتبر افراد العشيرة مالكين لهم الحق التصرف بها . وعقب الاحتلال البريطاني للعراق انتهجت سلطة الاحتلال تحويل حيازة الارض الى الشيوخ على حساب الفلاحين ، لزيادة سلطة ونفوذ هؤلاء لترسيخ سياستهم وضمان ادارة العشائر . 

وقد تكامل هذا النهج لترسيخ الاقطاع عندما شرع قانون التسوية والزمة رقم (٥٠) لسنة١٩٣٢ ، حيث اعترف به لشيوخ العشائر بحقهم في الارض دون العشيرة 

اعتمد الانكليز سياسة تركيز الارض بيد شيخ واحد في كل مقاطعة . ولقد سنت حصر الاراضي بعد وفاة الشيخ بالابن الاقوى والاكبر ، في كثير من اراضي العراق . 

ولقد شرعت سلطات الاحتلال الانكليزي نظام دعاوي العشائر المدنية والجزائية لسنة ١٩١٨ واقر بمرسوم ملكي في  

٢٨/ كانون الاول /١٩٢٤ وهكذا اصبح للشيوخ دوراً مؤثراً في مجالس الحكم العشائري والتحكم بقرارات (( الديات )) العشائرية وفي قضايا القتول مما اتاح لهم التحكم و الاستبداد والظلم و الاضطهاد وامتهان كرامة وحقوق الانسان . ومنها اعطاء النسوة لذوي القتيل والاكتفاء بالتعويضات المالية . دون الاجراءات التاديبية ...كانت الاحصائيات السكانية تشير الى الى ان ٥٠٪ من السكان عام ١٨٦٠ م من البدو ، وحوالي ٤٠٪ منهم من الريفين و المزارعين ولكن بعد تأسيس الدولة المدنية ،اصبح السكان البدو حوالي ١٠٪ وهكذا تصاعدت نسبة سكان المدن تدريجياً وازدادت نسب مستويات المتعلمين والمثقفين والطبقة المتوسطة 

 واصبحت ظاهرة الاقطاع في العراق ظاهرة اجتماعية واقتصادية استغلالية سلبية مختلفة ، وتدهورت عمليات وعلاقات الانتاج ، واندثرت الانهار ووصل الفقر المدقع الى اعلى مدياته مما دفع الكثيرين الى الهجرة للمدن الريفية وخاصة البصرة وبغداد من الجنوب 

واصبحت للشيخ ( الاقطاعي ) صلة مطلقة نفت كل الروابط العشائرية الايجابية وحطمت كل وشائج النسب وصلة الرحم ، واصبح (( للحومشية )) والرجال الغرباء سطوة قهر وظلم وعنف وحلت عادات وسنن جديدة غريبة عن (( المجتمع العشائري )) ..... وهكذا ابتعدت العشيرة عن عادات واخلاق العشائر العربية الاصيلة وتراجعت علاقاتها ..... ووصل العنف والظلم محل التكافل والاصالة ، والكرم ، والاعتزاز بالاصل والنسب ونفت كل العادات الايجابية لهذه العشائر الكريمة . 

وحول هؤلاء الشيوخ عشائرهم الى كتل بشرية تسخرهم بالنزاعات السياسية ، واثارة الفوضى في المناطق لاسباب مصلحية محضة.

ولهذا ضعفت مكارم الاخلاق والكرم والنخوة والشيمة والتعاضد والتكامل الاجتماعي الايجابي وهكذا برز في بداية الحكم الوطني تحالفات قبائلية وعشائرية سياسية واستغلت في كثير من الاحيان ضد الدولة كما حدث في عام ١٩٣٤ وكذلك استغلت هذه العسائر بالنزاع بين الملك ورئيس الوزراء .... وكمثال على ذلك ثورة بني زريج وبني خيكان ، وبارزان / عام ١٩٣٥ وثورة بني ركاب ، والرميثة /١٩٣٦ وثورة عفك (( شعلان الوطنية )) واستمر تدهور الاوضاع وازدادت الاضطرابات والتمرد العشائري خاصة في زمان (( ياسين الهاشمي ))

قالوا وزارتكم ياسين يرئسها
وقائد الجيش طه في الميادين
يارب (( طه )) و (( ياسين )) بحقهما
خلص عبادك من طه وياسين

ولكن كل ذلك النفوذ العشائري القبلي اسقط وانتهى بعد ثورة ١٤ تموز /١٩٥٨ والغي قانون العشائر وضعف نفوذ العشائر السلبي و الشيوخ الاغوات عند صدور قانون الاصلاح الزراعي بعد ثورة ١٩٥٨. 

ولقد ساعد ذلك ظهور واتساع المدن الحديثة ، وتحول سكان (( الحضر )) الى اغلبية بارزة و خاصة عندما اضيف لها سكان (( المدن الريفية )) الذي ضمت عشائر مختلفة وسكان يعتمدون في فعاليتهم الاقتصادية على امور تجارية وانتاجية مختلفة .... وهذا مما اضعف سلطة الشيوخ والروابط العشائرية (( الانتاجية الريفية )) وغلب سلطة النسب فقط ، وبعض السنين والاعراف والروابط الثانوية التي لا ترتكز على علاقات الانتاج السابعة . 

لقد اظهرت اسقاطات السكان لسنة ٢٠١٢ ان مجموع السكان العراقيين البالغ حوالي ٣٤،٢٠٧،٢٤٨  ومنهم ((٢٣،٦٧٩،٠١٧)) فرد من سكان الحضر وعدد ((١٠،٥٢٨،٢٣١)) فرد من سكان الريف مع الاخذ بنظر الاعتبار ان اكثر من  نصف هؤلاء الريفين من سكان القرى والنواحي الريفية اللذين لا يعتمدون في انتاجهم على الارض والانتاج الزراعي . وفي كثير من الاحيان يعتبر انتاج مختلط . يصنف بها العلاقات الزراعية الاقتصادية . وضعفت سلطة الشيوخ والافخاذ في الحراك الاقتصادي بالذات وتحصيل الدخل الخاص والاسري . 

من كل ذلك الاستعراض اعلاه نريد ان نوضح وان نبين بان ماتريده سلطات الاحتلال الامريكي من تجديد توصيات المهزومين الانكليز بابراز الدور العشائري في السياسة المحلية وفرض تأثيراتها السلبية حالة متخلفة فقدت شرعيتها ومبرراتها الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية ...!!! 

ان البحث عن ادوار للعشائر في السياسة امر لا يمكن الركون الية في مجالات النزاعات السياسية الراهنة ومحاربة الارهاب  حيث اختلفت الظروف الاقتصادية ... رغم ضعف الدولة المركزية ... وهذا سوف لا يثير الا نزاعات مناطقية وفئوية وطائفية عرقية .. وسوف لا ترسخ الا المزيد من التناقضات السلبية ،واثارة الكراهية والبغض والنزاعات المصلحية (( الاثنية )) . 

ان العشائر حالياً ولاسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية متمسكة بولائها الوطني ، ولا تمثل حالة واحدة وان الشيوخ ورؤساء الافخاذ الحاليين ، لايمثلون في كثير من الحالات عشائرهم .... وان كانوا فانهم لايستطيعوا في كثير من الاحيان التأثير  على عناصر مرتبطة بالارض (( الموات )) غير المنتجة ، وهم في حالة من البطالة الرثة ولا يملكون الا قوت يومهم .... وان ابناء العشيرة متوزعون فعلاً على نواحي العراق .... و هم اصلاً يتمتعون باستقلال فكري وسياسي واقتصادي . 

ان التمويل الذي يضخ من قبل السلطات الامريكية ومن قبل دول اقليمية معروفة ... لا يمكن ان تغلب هذه الحقائق المادية ... واذا تمكنوا من تجميع بعض القطاعات و الفئات العشائرية ... فهذا لايعود الى اسباب اجتماعية عشائرية ... وانما يعود  لاسباب سياسية محضة .... وحتى وان نجح هذا الاسلوب واثمر عن نتائج ايجابية ... فسيكون له مردودات مستقبلية مروعة . 

لقد شهدت في الاشهر الماضية نزاعات مسلحة داخل العشيرة الواحدة حيث انقسمت بين الارهاب و مقاومته مما اثر على عودة هذه العشائر الى اراضيهم الاساسية ... وفي احيان اخرى شهدت صراع العشائر مع بعضها الاخر نتيجة للصراع السياسي واختلاف مصادر التمويل كما حدث ذلك فعلاً  في سوريا والعراق .

ان التدخلات السياسية وخاصة الخارجية وتسليح هذه العشائر باسلحة متوسطة وبعضها ثقيلة سوف يعقد هذا من المشكلة ويخلق ازمات جديدة اجتماعية وسياسية مستقبلية . 

اننا ندعوا ان تمول هذه الجهود ، لتطويع المقاتلين في وحدات عسكرية موحدة لا تمثل عشيرة واحدة حتى في تشكيلاتها وحظائرها الصغيرة ان ابجاد التنوع في هذه التشكيلات قد يقلل من الاخطار الاجتماعية والسياسية . وقد يخلق اجواء مناسبة وبيئة صالحة تسعى لتوحيد الجهود و الرؤية الوطنية التي تساهم من اثار التفكيك والتفتيت والتهميش والصراع.... وتعمل على توحيد النسيج الاجتماعي والتقليل من الاثار الثانوية للهويات النوعية و الجزئية التي بثها الاعداء لترسيخ الانقسام الافقي والشاقولي في المجتمع العراقي .... لتعمل على ارساء اسس المصالحة الوطنية والوحدة الوطنية .... وتوفير المناخ الملائم الايجابي الذي يرسخ الهوية الوطنية 

ان اطلاق شعار (( الثورة العشائرية )) من البعض شعار مضلل وخاصة اذا اقتصر على مناطق معينة من العراق ... فهذا يتيح مفهوم تقسيمي اجتماعي وسياسي وطائفي خاص . وهذا ما لانريده الى ابناء عشائرنا الكرام الميامين المعروفون بالاصالة والنخوة والشيمة والوطنية والعزة والكرامة . وتمسكهم  بالوطن والامة والعراق الواحد . 

ندعو الى تعبئة هؤلاء الشباب في قوات الحرس الوطني باشراف الدولة والحكومة وبعيداً عن التكتلات العشائرية وتأثيرات المشايخ السلبية ان وجدت فهو الطريق السليم الواضح لخدمة الوطن واحلال الهوية الوطنية وراية العراق بدلاً من الهوية الفئوية والمناطقية والعشائرية.....!!

أبو طالب الهاشمي

2015/7/7

مذكرات و حياة أبوطالب الهاشمي - الصفحة الرئيسية -     المسار الصعب     الفجــــوة     العمارة الكحلاء     رؤى وأفكار في الاقتصاد والمال     التجارة الداخلية في العراق جزئيين    

     الملف الاقتصادي مجلة دورية اقتصاديه     مقالات وخواطر أبوطالب ألهاشمي اليوميه     شجرة العائلة     خارطة الموقع

اعلى الصفحة