((اضغط هنا)) الراصد المنير: مقالات دورية

كتابات وخواطر أبوطالب ألهاشمي

 
  مذكرات وحياة أبوطالب الهاشمي  
اهلاً و سهلاً

الكنغر الاسترالي

 

            وجهت لي دعوة من مجلس القمع الاسترالي (AWB) في نهاية عام ١٩٧٧ ، والمجلس منظمة لا تستهدف الربح وهو مسؤول عن تسويق القمح بعد استلامه من المزارعين المنتجين ويقوم بشحن حوالي ٦٠٠ سفينة من اكثر من ١٨ ميناء بما يقارب (١٦) مليون طن .... وتعتبر استراليا خامس اكبر دول العالم تصديراً ويوجد حوالي (٤٥) الف مزرعة قمح متوسط مساحة كل مزرعة ٢٠٠ هكتار ، وتصل غلة القمح حوالي ١,٥ طن متر في كل هكتار . 

               يتركز انتاج الحبوب في الولايات الجنوبية و الغربية في كوينزلاند ، نيو ساوث ويلز ، فكتوريا .... ولقد تركزت مباحثاتنا و لقاءاتنا في مركز المجلس وفي (( سيدني )) اعقب ذلك جولات عديدة في مراكز الانتاج لمشاهدة (( حصاد )) المحصول و كيفية نقله من مخازن المنتج الى مخازن المجلس (( سايلوات )) وصوامع ومخازن الحنطة واطلعنا على كيفية النقل (( فل )) و المناولة و العزل و التدريج و التنقيح ... وهذا اتاح لنا فرصة للتعرف بشكل تفصيلي على عمل السايلوات في الحقول و مراكز الشحن في الموانئ . 

          يصنف المجلس الحنطة الاسترالية ( AWB) الى ستة اصناف رئيسية ، وكان يهمنا الجانب العراقي ، نوعين من الحنطة الاسترالية اولاً  ((بريميوم )) (( برايمر هارد )) ابيض ( ABH ) و ستاندر ابيض ( ASW ) ولدينا مواصفات مطلوبة وهي ان البروتين في برايم هارد بنسبة تتراوح بين ١٣و١٤ ٪ و لايقل الوزن النوعي عن ٧٤ كلغم (( هكتوليتر )) وان يكون البروتين في الحنطة القياسية لايقل عن ٢٪ ونركز  ايضاً على نوعية الكلوتين وهو بروتين مركب الذي يعطي مرونة الى العجين مما يعطي للخبز مطاطية الملمس وارتفاع اللزوجة ليساعد العجين على التماسك في (( التنور العراقي الشاقولي )) والغلوتين ترتفع نسبته في (( القمح الصلب )) ... 

           ونعتمد في العراق على توزيع الحنطة للمطاحن بخلطة قياسية متنوعة من القمح المستورد والمحلي لايجاد احسن تشكيلة او (( توليفية )) تنتج طحين يناسب الذوق العراقي وطريقة الخبز المحلية . (( الخبز العامودي العراقي في التنور )) 

            لقد اجرينا في مختبرات المجلس مع نخبة من الاختصاصين تجارب عديدة على هذه الخلطات للوصول على احسن الانواع و الحصول على اسعار مناسبة للطحين العراقي ... لانه مدعوم بنسبة كبيرة من الدولة العراقية .... لدعم الطبقات و الشرائح الاجتماعية الفقيرة وذات الدخل المحدود ... وهذا الدعم يكلف الحكومة العراقية و الميزانيات السنوية مبالغ هائلة . 

             كان القمح واحداً من اوائل النباتات التي زرعت منذ ١١٠٠٠ عام في وادي الرافدين (( العراق )) وفي الشرق الاوسط وكان الانتاج العراقي غزيراً ... وفيه انواع ممتازة و جيدة ولكن تدهور الانتاج و الانتاجية مؤخراً  .... مما جعل العراق مستورداً للحبوب ، ومن مناشئ متعددة اهمها استراليا و كندا وامريكا . 

            عند تنظيم جدول عمل زيارتنا الى مجلس الحنطة الاسترالي ركزنا ان نعطي وقتاً كافياً لزيارة كل انواع (( السايلوات )) و الاطلاع على اساليب الخزن (( الفل )) و المناولة و التنقيح ، وطلبنا ان نطلع على اساليب خزن الحنطة خارج المخازن و السايلوات .... في العراء ... ولذلك نظمت لنا زيارات متعددة لمواقع الخزن في العراء (( فل )) و (( مكيس )) وتداولنا مع المختصين ، في وسائل مكافحة الطيور و القوارض و الحشرات في خزن العراء . 

             لقد خصصنا وقت كافي لزيارة المختبرات الحقلية وفي السايلوات و عند الشحن ، للسيطرة على النوعية و تحديد المواصفة بكل دقة .... و اولينا موضوع اخذ النماذج و العينات في الحقل اهتماماً خاصاً ، لاننا نحتاج هذه التجربة ، عند تسويق الحبوب المحلية في مواسم الحصاد ... ولقد استفدنا من هذه التجربة ، حيث فتحنا ((٣٠)) مركز حقلي لاستلام الحبوب في مناطق الانتاج . واخذ العينات في هذه المراكز وتحليلها مباشرةً وتحديد نسبة الشوائب و الرطوبة والنوعية والبروتين ....!!!!! 

                زرنا حسب جدول مواعيد الزيارة مدن عديدة في استراليا ، اضافة الى سدني زرنا العاصمة كانبيرا و مالبورن ، وتلال اويلبيد ، وبيرث ، وبريزبين وفي سدني ، في عطلة الاحد زرنا دار اوبرا سدني وحديقة حيوانات تارونفا. ... و في كوينز لاند اطلعنا على حيوانات استراليا الغربية لاول مرة مثل (( الجرابي )) و الكوالا وقمنا بجولة بحرية .... و اتيحت لنا فرصة لزيارة مختبرات الانتاج الزراعي ، والاطلاع على البحوث الزراعية لتحسين نوعيات الحبوب ، وقصب السكر ، والذرة و الشعير و القطن و الاطلاع على بحوث المراعي و الانتاج الحيواني . 

              ولقد اخذت ولاية نيو ساوث ويلز ، مركز اساسي في اهتمامنا لما تمتاز به كمركز ثقافي و اقتصادي وكانت سدني تضم تضخم العديد من مراكز الانتاج و التسويق و المعالم الثقافية والفنية وكان ميناء دارلينغ هاربور و مبنى الاكواريوم من المعالم التي زرناها ، واطلعنا على العديد من الكائنات البحرية ، اضافة الى حديقة الحيوانات تارونغا .... ولكن الغريب بانه لن تسنح الفرصة لنا للاطلاع على احوال السكان الاصليين (( الابورجين )) ... اذ ان اغلب سكان استراليا الحاليون هم من الاوربيون الذين هاجروا اليها خلال القرن التاسع عشر الميلادي . وخاصة من البرتغالين و الانكليز و الهولنديين و الاسبان ، و لقد وصلت الى استراليا اول سفينة بريطانية تحمل سجناء منفين في عام ١٧٨٨ ، وكانت سدني اول المدن التي ازدهرت ، ثم تبعتها مدينة ملبورن التي ازدهرت بفضل اكتشاف الذهب . 

            هل تستمر استراليا في مسارعة خطوات التنمية و التقدم وهل ستحقق قفزات اقتصادية كقفزات الكنغر الاسترالي . 

                          انها سفرة غزيرة بالمعلومات العلمية الخاصة بالحبوب و تقنياتها الحديثة و فحصها ومداورتها وتسويقها ... لقد استفدت علمياً وثقافياً من هذه السفرة الواسعة و الطويلة اذ ان استراليا قارة غنية وذات ثروات طبيعية لا متناهية ...!!!! 

 أبو طالب الهاشمي

2015/8/16

مذكرات و حياة أبوطالب الهاشمي - الصفحة الرئيسية -     المسار الصعب     الفجــــوة     العمارة الكحلاء     رؤى وأفكار في الاقتصاد والمال     التجارة الداخلية في العراق جزئيين    

     الملف الاقتصادي مجلة دورية اقتصاديه     مقالات وخواطر أبوطالب ألهاشمي اليوميه     شجرة العائلة     خارطة الموقع

اعلى الصفحة