((اضغط هنا)) الراصد المنير: مقالات دورية

كتابات وخواطر أبوطالب ألهاشمي

تقرير التنمية البشرية الوطني / العراق / ٢٠١٣ و التحديات الجديدة

 بالتنسيق بين وزارة التخطيط و بيت الحكمة و برنامج الامم المتحدة الانمائي و بالتعاون مع جامعة اوكسفورد ونخبة من الاكادميين في مدرسة لندن للاقتصاد ، مركز دراسات الشرق الاوسط ، مجموعة كبيرة من الباحثين و مؤسسات علمية اخرى انجز هذا التقرير  العلمي الرائع و كان حقاً سفراً علمياً و احصائياً مهماً لكافة خبراء الاستراتيج و التنمية و التخطيط . وكان هذا الدليل بؤرة علمية لدراسات وخطط تنموية لاحقة ناجحة تمثل الاساس الاول لتحديد الابعاد السياسية و الاقتصادية و الثقافية و جدلية الاقصاء / الاندماج ... لبناء خطط وسياسات الدولة و الحكومة و تحديد المؤشرات الاساسية للاهداف الانمائية ما بعد سنة / ٢٠١٥ . و لتحديد احصائيات و مؤشرات دليل التنمية  ورسم تحديات البطاله ، والشباب ، الفقر ، و نمط الادارة والاقتصاد و اصلاح السياسات الاجتماعية ومن  وجهة نظري الشخصية ان هذا البحث هو اهم انجاز للحكومة العراقية لقد اظهر التقرير علمياً و عملياً وواقعياً ان (( المهمشون )) في العراق ليس في كوردستان و الانبار بل هم حصراً في المثنى وميسان و ذي قار خلاف كل التوقعات لقد اظهرت مسوحات التقرير  التحديات الاساسية التي يواجهها المجتمع العراقي و هي بطاله الشباب وعدم تمكينهم من ممارسة دورهم و اصبحوا فئة معرضة للخطر ، والاقصاء الاجتماعي و كذلك ايجاد السبل و المناهج لتمكن المرأه ، والحد من عدم المساواه ، وتهيئة الظروف والمناخ الملائم  للتنمية و الاستثمار ، بتحقيق الامن والامان ، وتحقيق المشاركة و التماسك الاجتماعي ودليل الفقر في العراق يشير الى ان اكثر من ٥٠٪ من الفقراء يعيشون في ذي قار ، والبصرة ، وواسط وميسان ونينوى و يعاني حوالي ٣٠٪ من السكان في محافظتي ميسان  وواسط من الفقر متعدد الابعاد . وهذا بسبب تدمير البنى التحتية وحرمان سكانها من الخدمات الاساسية ولقد ظهر في مؤشرات تنمية الشباب في المحافظات ان محافظتي السليمانية واربيل برزت بالمرتبتين الاولى والثانية تليها بابل و بغداد و كربلاء . وجاءت  بالمرتبة الاخيرة محافظات ميسان و النجف و الانبار ولكن التقرير كان غير موفقاً في مؤشرات و توصياته فيما يخص الهجرة و التحديات الديموغرافية و خاصة هجرة الكفاءات و الشباب خارج الوطن اذ كانت الاستنتاجات و التوصيات لا تخلو من تأثيرات  سياسية  عدلت بعض النتائج الاكادمية و الاحصائية .... ان الاحساس بغياب العدالة الذي يتزايد بين الشباب ... سبب رئيس لتغدية ديناميات الاستقطاب الاجتماعي و الاقتصادي المولدة للفقر و العوز و الاقصاء ...!!!  ولقد اظهر التقرير ان خطة التنمية الوطنية٢٠١٣- ٢٠١٧  ان العراق لم يشهد تغيرات بنيوية في اقتصاده ... اذ مازال يؤكد على اولوية القطاع النفطي (( لا خيار سوى النفط )) ... و هذا الاقتصاد الاحادي الريعي سبب كارثة و انتكاسة خطيرة عند تدهور اسعار النفط خلال السنتين الماضية ... اذ  اصبح العراق مكشوفاً بلا سيوله نقدية وواردته الاجمالية اقل من نفقاته الكلية ... خاصة بعد تفاقم ازمته وامتداد (( حركة داعش )) و الحركات الاسلاموية المتطرفه من جماعات (( بندر - اردوكان - تميم - التيارات الجهادية السلفية ... على عهدة المحللين السياسيين  الغربيين ، والله اعلم بهذه الامور الخفية و المستورة٠٠٠المهم هي معروفة في مطابخ الاجهزة المخابراتية الدولية و الاقليمية و اغرب الاحصائيات المثبتة ... ان هناك ما يقارب (٦) مليون شخص يستفيد من الدخل الحكومي منهم حوالي (٣) ملايين شخص يستلمون  رواتب حكومية ولاننسى المتقاعدون و اصحاب الرعاية الاجتماعية .. وحين اسأل اين توجهات الحكومة نحو اقتصاد السوق و تخلي الدولة عن مزاولة الانتاج ... !!! وهل اقتصادنا اقتصاد انتقال ام اقتصاد مختلط ام اقتصاد سوق !!! اريد ان اثبت ان هذه الارقام و  المؤشرات تغيرت كلياً و جوهرياً ... بعد سقوط الموصل حزيران /٢٠١٤ . اي اثناء اعداد التقرير و هذا الزلال و الكارثة الكبيرة غيرت جميع المؤشرات ، حيث اصبح النازحون اكثر من ثلاثة ملايين نسمة ... وان معظم البنية التحتية المركزية و الخدمات بل مدن  بكاملها قد دمرت و انتهكت و ابيدت من قبل داعش و المنظمات الارهابية و الحليفة لها وتغير الواقع العراقي خاصة في (( مناطق داعش )) كلياً وافرز مؤشرات جديدة من التخريب والفقر و العوز و فقدان الخدمات ... فأي مؤشرات اجتماعية و اقتصادية و اي خطط  تنموية سترسم في ضوء هذه الاحداث ٠

ان الجهد الرائع و الكبير الذي بذل من الباحثين و المؤسسات الاكادمية العراقية و الاجنبية التي اعدت التقرير مشكور ، لم ينقصها الخبرة الاكادمية و لم ينقصها الخبرة الاكادمية و لكن ينقصها عدم بذل جهد لمعرفة الاستراتيجيات (( الثورة الخلاقة )) التي كان يرسمها  حلف الناتو و الجامعة العربية تأثيراتها على المسوحات و العينات المؤخوذه اجتماعياً و اقتصادياً بالتنسيق مع بعض اجهزة الجامعة العربية برئاسة التيار اليميني ، ودول التطرف التكفيري اصحاب الثروات النفطية الفائضة واذ كان هذا لا يؤثر على النتائج العلمية  للتقرير بل انه بالتأكيد سيؤثر على اعداد الخطط الحكومية لاحقاً بعد عام ٢٠١٥ (( تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ))

لقد ناقشت بعض الاصدقاء الخبراء حيثيات و استنتاجات التقرير في جلسة عفوية و قلت لهم ان هذا التقرير الضخم و الرائد والعظيم كان ينقصه مشاركة بعض المخططين الاستراتيجيون رغم اننا نقدر عالياً مشاركة الدكتور الحافظ و الدكتورة امال شلش ... و لكننا  ويا للخيبة ان نفاجأ جميعاً ((بتمدد داعش )) و قلب طاولة الخطط السياسية ، والاجتماعية .... و الانمائية ومن كان يحتسب لمؤشرات اجتماعية و اقتصادية و سياسية و امنية خطيرة ، وانبثاق تحديات جديدة تفوق امكانات الدولة العراقية ... الباحثون عملوا مسوحات و  استنتاجات واقعية ولكن على الحكومة في ضوء المستجدات الجديدة بناء خطط وسياسات تلبي طبيعة المرحلة الجديدة وخاصة المؤشرات الاتية

 اصبح عدد النازحين في عام ٢٠١٥ يزيد عن ثلاثة ملايين نسمة اضافة الى الملايين من العراقيين المهجرين خارج العراق و الاعداد الكبيرة من الجرحى ، والمعافين ، والارامل ، و الايتام

ارتفع عدد المقاتلين في القوات المسلحة من (٢٧٠) الف مقاتل الى اكثر من مليون مقاتل ما عدا مسلحي ثوار العشائر

 ان حسابات كلفة الحرب و مطاردة الارهاب حسب دراسة اعدت من (( سكوت والستن ، و كاترين كوزك )) .. ان المصاريف الاقتصادية المباشرة للحرب في اي نقطة محددة من الزمن ، ستتجاوز تخصيصات الموازنة العامة بحدود لا تقل عن ٢٠ الى ٢٥٪  وفي  التقديرات العراقية حسب فرضيات البرلمان العراقي لا تقل عن ٤٠٪ من الموازنة  وحسب احد الخبراء الاجانب كلفة طلعات طيران التحالف الدولي حوالي ٣مليار دولار خلال هذه الفترة التي لم تتجاوز (٨) اشهر فقط

ان هذا الدمار وهذه الكارثة الانسانية الرهيبة ،  فاقت كل التطورات الاكادمية و المؤشرات القياسية و التخطيطية حيث ان الدراسات الافتراضية تقدر بان العراق يحتاج في هذه السنه على وجه السرعة تخصيصات اضافية لاغاثة النازحين بمبلغ لا يقل عن نصف مليار دولار ، ويحتاج مبالغ هائلة لاعادة اعمار  المدن الواقعة (( المهدمة )) و ما يحتاجة صندوق الاعمار والتنمية حوالي مليار دولار لهذه السنة على ان ترتفع التخصيصات في خمسة اعوام اخرى ما لايقل عن ((١٠)) مليار دولار سنوياً  بل ان احد الخبراء الاجانب قدر اعمار المدن التي خربت من داعش تحتاج  الى خمسمئة مليار دولار للاعمار و التعويض اسر الضحايا و تسليح القوات الامنية ان هذه المؤشرات السلبية الجديدة التي خلقها الارهاب الذي اجتاح المنطقة في الوقت الذي تشهد به اسعار النفط انخفاض هائل في اسعاره الدولية ... سيغير من استراتيجيات و خطط  الدولة ، و سيتطلب اعداد خطط ودراسات جديدة تواجه المخاطر والتحديات المصيرية الجديدة ولكن هل ان اجهزة الدولة و الحكومة في اطارها الحالي قادرة على مواجهة ذلك اعتقد ان الوضع جداً خطير و مأساوي على الجميع التنبه له ، وحشد كل الجهود و الامكانيات  لتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية فكفانا النقاش البيزنطي (( البيضه من الدجاجة او الدجاجة من البيضه )) كفوا عن نزاعاتكم و صراعاتكم و محاصصتكم الطائفية والعنصرية و السياسية .... ان التاريخ لا يرحم هل سيصبح العجز والديون الخارجية اهرامات جديدة يرزح تحت وطأتها الوطن و المواطن ... سؤال موجه للجميع ؟؟؟ وقابل للحوار
 

أبو طالب الهاشمي

2015/6/14

مذكرات و حياة أبوطالب الهاشمي - الصفحة الرئيسية -     المسار الصعب     الفجــــوة     العمارة الكحلاء     رؤى وأفكار في الاقتصاد والمال     التجارة الداخلية في العراق جزئيين    

     الملف الاقتصادي مجلة دورية اقتصاديه     مقالات وخواطر أبوطالب ألهاشمي اليوميه     شجرة العائلة     خارطة الموقع

اعلى الصفحة