((اضغط هنا)) الراصد المنير: مقالات دورية

كتابات وخواطر أبوطالب ألهاشمي

 
  مذكرات وحياة أبوطالب الهاشمي  
اهلاً و سهلاً

 

الآفاق الجديدة لأصلاح القطاع المصرفي في العراق

الآفاق الجديدة لأصلاح القطاع المصرفي في العراق

     ان عدم وضوح الأستراتيجيات الاقتصادية الراهنة وتذبذبها في مسارات ومسالك متقاطعة بين نهج الاقتصاد الشمولي , والتحولات نحو آليات أقتصاد الســــوق الحر … قد أثر تاثيراً سلبياً بالغاً نحو الاستقرار الاقتصادي  حيث حل المنهج التجريبي الضبابي محل الرؤى الاستراتيجية الواضحة وكان هذا بين , واوضح في السياسات النقدية والمالية .

ورغم مرور عشرة سنوات على هذه الانتقالة في المفاهيم والرؤى الاقتصادية , لكننا مازلنا تشهد الدولة ترسخ اعتمادها على منشأت القطاع العام حتى وان كانت لم تؤدي وظائفها بشكل كامل وصحيح , وهذا ماحدت في قطاع المصارف , رغم دعوات الاصلاح التي كانت تركز على ضرورة أعادة هيكلية هذه المصارف باتجاه من ترهل كادرها , وتحقيق مستوى اعلى من الكفاءة واصلاح نظامها المصرفي بما يتلائم والاهداف الجديدة للاقتصاد العراقي وخدمة خطة الاعمار والتنمية المستقبلية .

ان القطاع الاقتصادي العراقي مازال يعاني من تشوهات واضحة حيث مازال آحادي الاتجاه حيث يعتمد على القطاع النفطي وموارد خطته التشغيلية والاستثمارية مما أثر على عدم تحقيق شراكة متوازنة ما بين القطاع العام والخاص … وما زالت تتحكم هذه الرؤية في كثير من التشريعات والخطط والمناهج الاقتصادية , مما اضعف توفير الظروف الملائمة والمستلزمات  الاقتصادية التي تهيئ لتوفير الفرص وزيادة معدلات الاستثمار المنتج .

وولوج القطاع الخاص في المجالات التي كانت حكراً ومازالت على القطاع العام .

أننا بهذا التصور والاتجاه لانريد ان نقلل من اهمية دور القطاع العام وانما نريد بالتاكيد سياسة متوازنة عقلانية تتيح مشاركة الجميع في انشطة التنمية وخاصة في القطاعيين المالي والنقدي.

لقد حقق البنك المركزي العراقي خطوات اصلاحية مناسبة في السياسة النقدية حيث خفض كثيراً نسبة التضخم وأتخد خطوات جيدة لتغيير ادوات السياسة النقدية في ظل الوظائف الجديدة المرسومة له بقانونه رقم (56) لسنة 2004, وتشريع وقانون المصارف رقـــــــــم (94 ) لسنة 2004 وقانون مكافحة غسل الاموال رقم (93) لسنة 2004 وقانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 .

 ولقد حدث تحسن كبير في سعر الصرف للدينار العراقي لتطور الصادرات النفطية , وكذلك المزادات العلنية للعملة الاجنبية حققت توازن في سوق النقد الاجنبي ولكن بدل تحسين سعر الصرف للدينار كما خطط لذلك بجعل الدولار يصل الى (1000) دينار عراقي واتباع سياسة حذف الاصفار في العملة النقدية ... نجد ان هذا الاندفاع توج بانتكاسة في سعر صرف الدينار وتذبذب حاد في اسعار الصرف , مما فتح موجة من الاتهامات المتبادلة بالفساد والمساهمة في غسيل الاموال وتهريبها خارج العراق – مازالت الازمة مستمرة ومتفاقمة تدلل على قصور واضح في الحلول والاجراءات وفشل بيني للسياسات النقدية والمالية الراهنة .

ان الاخفاقات والاخطاء الحالية في السياستين المالية والنقدية تعود الى ضعف التنسيق بين الاجهزة التخطيطية والتنفيذية .

المهم في هذه الاحداث أنها بصرت الجميع على ضرورة اعادة النظر بكل الهياكل القديمة واصلاحها بما ينسجم ومهام ووظائف المرحلة الحالية وتدعيم دور القطاع المصرفي العراقي وتحقيق الاستقرار النقدي وتطوير الخدمات المالية والمصرفية ومستويات التمويل الاستثماري لدفع عمليات الاعمار والتنمية والنمو المستهدف .

 ان سياسات الاصلاح المصرفي المقترحة يمكن ايجازها كما ياتي :-   

1-  انخفاض الكثافة المصرفية في العراق حيث تبلغ فرع مصرف واحد لكل (40000) مواطن وهو نسبة منخفضة قياساً للمعيار العالمي البالغ مصرفاً واحداً لكل (عشرة الاف ) نسمة وهذا يتطلب ان يرعى البنك المركزي العراقي ويشجع على تاسيس مصارف جديدة وفتح فروع جديدة في محافظات العراق وحسب الحاجة .

2-  فتح ايداعات  الدوائر الحكومية في المصارف الخاصة التي لها تقييم (جيد) في كفاءة الاداء وازالة كل الحواجز والتعقيدات امام هذا الهدف .

3-  آن الآوان لبناء هيكلة جديدة لقطاع المصارف الحكومية والعمل على تحديث ادواتها بما ينسجم مع تطورات الخدمات المصرفية الحديثة والتقليل من الترهل الاداري ومعالجة الديون المتاخرة التسديد ومنحها المرونة المطلوبة في العمل المصرفي والائتماني على الخصوص على ان يرفع الدعم الاداري على انشطتها والسماح للمصارف الخاصة ان تتنافس على تنفيذ متطلبات التجارة الخارجية وفتح الاعتمادات المستندية مباشرة ورفع احتكار T.B.I في هذا المجال والغاء تميز المصارف الحكومية باجراءات ادارية قسرية  بعيداً عن التنافس .

4-  ولغرض تحقيق تنافس عادل بين المصارف الحكومية والخاصة نقترح شمولها جميعاً بشروط الحد الادنى للرأسمال وكفاية راس المال وشروط خضوعها للرقابة المالية والمعيارية من البنك المركزي العراقي .

5-  مازالت رؤوس الاموال الكلية للمصارف الحكومية والخاصة محدودة ولاتتناسب مع تعاظم الموارد والانشطة الاقتصادية في العراق لذا يحتاج الوضع الاقتصادي الجديد الى رفع رؤوس اموالها من جديد .

6-  اعادة صياغة الادوات الائتمانية والتمويلية والاستثمارية للمصارف بما يكفل المساهمة الفعالة في التنمية ,وهذا يتطلب اصدار تشريعات جديدة لمساندة هذه الانشطة ومنها اصدار قانون تأسيس شركة لضمان الودائع واخرى لضمان القروض وتأسيس محاكم تجارية مصرفية خاصة للبث في النزاعات المصرفية مع الزبائن ومعالجة الديون المتعثرة والمتأخرة التسديد مع اصدار قانون ينظم الصيرفة والتجارة الالكترونية واخيراً ضرورة اعادة النظر في قانون المصارف الحالي رقم (94) لسنة 2004وخاصة المواد  (27)  و  (28)  و  (33)  والعمل على اصدار تشريع خاص بالصيرفة الاسلامية وفتح " فروع اسلامية " في المصارف الحالية ... لتحقيق رفع وتائر الائتمانات النقدية والتعهدية واعمال التمويل الاستثماري ,حيث لم تحقق في عام 2012 سرى (72) تريليون دينار عراقي .

7-   فتح مركز في البنك المركزي العراقي يمثل وحدة معلومات الكترونية تزود المصارف بقاعدة معلومات حديثة عن الزبائن وكفاءتهم المالية وعن المعسرين منهم واللذين لم يسددوا التزاماتهم الائتمانية والمالية .

8-  ان من الاهداف المركزية لسياسات البنك المركزي العراقي خلق الظروف والاجواء المناسبة لحث المواطنين بزيادة وتوسيع ادخارتهم في المصارف وتحفيزهم على تنمية ايداعاتهم المالية ...مما يزيد فرص الاستثمار في البلاد ويحقق دعمــاً لانشطة التنميـة.اذا مازالت اجمالي الودائع في المصارف ضعيفة ومحدودة حيث لم تتجاوز (92)   تريليون دينار عراقي في نهاية عام 2012 كانت حصة المصارف الخاصة منها فقط  (8)  تريليون دينارمع العلم ان عدد المصارف الخاصة المجازة وصل الى (47)  مصرفاً خاصاً بضمنها  (12)  فرعاً لمصارف اجنبية وسبع مشاركات عربية واجنبية في حين بلغ عدد المصارف الحكومية  (7)  سبعة مصارف.

9-  تعزير دائرة الدراسات والبحوث المصرفية في البنك المركزي العراقي , اذا مازالت الدراسات الصادرة غير كافية وتخلو من المؤشرات المالية التحليلية المحلية والاقليمية والدولية والتوصيات التي تعمم على المصارف دورياً .

10- دفع مسيرة التطوير والتحديث الخاصة بأمتلاك المصارف لتقنيات الصيرفة الالكترونية بما فيها الصكوك الالكترونية ووسائل ومكائن الدفع الآلي وتعميم انتشارها في الاسواق العراقية كافة .

11- أعادة النظر وتقييم تجربة منح رخص للمصارف الاجنبية لتأسيس مصارف خاصة في بالعراق وما قدمته من ادوات جديدة للصناعة المصرفية في العراق وتقييم مساهمتها في تمويل الاستثمارات وتحديد اسباب اخفاقها بتقديم ماهو جديد واضافي لعملية التنمية والاعمار

12- التأكيد على استمرار تدعيم مركز التدريب المصرفي في البنك المركزي العراقي ودراسة اسباب تراجعه عن تقديم خدماته التدريبية للمصارف .

13- التركيز على تطبيق مبادئ حوكمة الشركات والادارة الرشيدة والافصاح والشفافية وضرورة الموازنة بين التركيز على التخطيط الاستراتيجي والاشراف القوي على النواحي الرئيسية مثل ادارة المخاطر والموارد البشرية وعلاج الخروقات والفساد الاداري والمالي .

 14- لغرض تحقيق انسيابية جيدة للسلع والخدمات وضمان التحويلات الخارجية بانتظام نقترح التركيز على تنفيذ ميكانيكية عمل الاعتماد المستندي Echnical Aspects Mechanics Of the Documentary Credit Process وتطبيق الأعراف الدولية الخاصة بتوفر شروط الاستيراد والوثائق المطلوبة ومنها أجازات الاستيراد وشهادات المنشأ وفحص النوعية .

15- نقترح تأسيس صناديق متعددة باسناد حكومي تخصص لتمويل المشاريع الرئيسية والمساهمة بتمويل وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة للنشاط الخاص على ان تحدد ادوات وآليات تنفيذ القروض والتمويل بالتسيق مع المصارف المنفذة وهذا يستوجب ان تشكل المصارف الخاصة نفسها صناديق مشتركة مشابهة للاقراض وتمويل المشاريع على ان يدار ادارياً من احد المصارف , واننا نأمل ان تشارك الحكومة بشكل واسع في تأسيس هذه المصارف ودعم المصارف الحكومية القطاعية **** لمشاريع الاسكان والزراعة والصناعة وبهذه الوسيلة الفعالة ستحقق قاعدة اقتصادية أوسع واشمل العمليات تنفيذ القروض والتمويل .

16- أنتهاج سياسات ائتمانية مسيرة وواسعة بدون الاخلال بتوفر الضمانات المطلوبة ودراسة وتحديد المخاطر الكلية والخاصة على ان تعطى الاسبقية للشركات المساهمة في مشاريع الاعمار والتنمية .

17-  نقترح طرح التوصيات والمقترحات الخاصة بتطوير عمل المصارف والمؤسسات المالية الوسيطة على لجنة المستشارين المركزية في مجلس الوزراء وعلى اللجنة الاقتصادية العليا في مجلس الوزراء لاعداد آلية تنفيذية لاعادة هيكلية المؤسسات وتعزيز قدرات المصارف ومعالجة الاخفاقات والسلبيات في المرحلة السابقة .

  

 أبو طالب الهاشمي

بغداد – 20/4/2013